الأحد، 7 فبراير 2010

العودة الى الحاضر

الزلزال



مأساة من ثلاثة مشاهد

بقلم
عبد الكريم وحمان

الشخصيات

محمود : 36 سنة
كلثوم : 32 سنة . زوجة محمود
علاء : 38 سنة . أخ كلثوم
عدنان : 36 سنة . صديق العائلة



المشهد الأول



المشاهد الثلاثة في نفس الديكور.
غرفة الجلوس عند الزوجين محمود و كلثوم.
طاولة في الوسط و أريكة إلى اليمين. على الحائط نرى صورة محمود و كلثوم ليلة العرس.

يدخل علاء وكلثوم. علاء يحمل هدية.

كلثوم : أشكرك يا أخي علاء على هديتك التي اشتريتها لأبني أيمن بمناسبة عيد ميلاده الثالث.
علاء : أنا لا أريد شكرا و لا أي كلمة يا كلثوم. أنا أريد رؤية ابن أختي و أحمله بين يدي. لقد مر أسبوع لم أره فيه.
كلثوم : للأسف أيمن نائم الآن. و لكن في المساء سيكون متيقظا كالعادة و يشغل الشقة بشقاوته و لعبه.
علاء ( يتنهد بعمق ) : لكم تمنيت أن يكون لي أبناء يا كلثوم. أنت تعرفين مدى حبي لهم .... ولكن ... ( لا يكمل كلامه )
كلثوم : ألا تفكر في تطليق زوجتك العاقر و البحث عن زوجة أخرى حتى تنعم بطفل يرث اسم العائلة؟ من حقك أن تفكر في مصلحتك.
علاء : تعرفين جيدا يا كلثوم مدى حبي الشديد لزوجتي بشرى. فقصة حبنا دامت ست سنوات لتتوج أخيرا بالزواج.
كلثوم : و لكن ، ما فائدة الحب إذا لم يكن هناك أطفال؟ الأطفال هم تتويج لهذا الحب.
علاء : تعرفين أنني لا أستطيع العيش مع امرأة أخرى غير بشرى.... ثم إن هذا قدري، أن أكون زوجا لامرأة عاقرة. خصوصا و أنا أحبها كما لم أحب أي امرأة.... على أي ، لنترك هذا الحديث جانبا و قولي لي أين هو زوجك محمود؟ أليس في البيت؟
كلثوم : لقد خرج منذ ساعتين تقريبا مع صديقه عدنان لشراء هدية لأيمن. لن يتأخر .
علاء : أنت فعلا امرأة محظوظة. فقد وهبك الله زوجا محبا و مخلصا و ابنا ، رغم شقاوته ، إلا أنه محبوب من كل الذين يعرفونكم.
كلثوم : الحمد لله على كل حال. يقسم الأرزاق كيفما يشاء...... فعلا و كما قلت محمود أفضل زوج تحب أي امرأة أن يكون بجوارها في هذه الحياة. فهو مخلص و محب لعائلته و لا يدخر جهدا في إدخال السعادة إلى بيته. يجب أن تراه و هو يداعب أيمن. انه ينسى كل ما يحيط به و ينقلب في لحظة إلى طفل في سن أيمن.
علاء : أتمنى من الله أن لا يحرمكما من بعضكما. و كما يقول المثل : وافق شن طبقة.

( يفتح باب الشقة و يدخل محمود متبوعا بصديقه عدنان، وكل واحد منهما يحمل هدية بين يديه )

كلثوم : أين كنت كل هذه المدة؟ لقد تأخرت كثيرا.
محمود ( يبتسم ) : الذنب ليس ذنبي. بل ذنب هذا الشخص المرافق لي. هو الذي أصر على أن أرافقه لقضاء مصلحة عند أحد عملاءه. و قد اشترى هدية عندما علم أن اليوم هو يوم ميلاد أيمن.
كلثوم : شكرا لك يا عدنان على الهدية. و لماذا لم تحضر معك زوجتك إيمان؟
علاء : ألا تعلمين يا كلثوم أن إيمان سافرت إلى شمال البلاد في زيارة عائلية و تركت وراءها عدنان وحيدا؟و لا أخفيك سرا ، من هي هاته المرأة العاقلة التي تستطيع معاشرة شخص كعدنان. انه شخص لا يطاق.
كلثوم : لا تقل هذا الكلام يا أخي. عدنان شخص شهم و متخلق و لطالما سمعت إيمان تذكره بأشياء ايجابية.
عدنان ( مخاطبا علاء ) : أسمعت هذا يا علاء؟ ( مخاطبا كلثوم ) أشكرك كثيرا يا كلثوم على إطراءك و كلامك الطيب في حقي. ( يبتسم ) الحقيقة أن علاء يكرهني و لا يطيق رؤيتي حتى. و قد بدأ هدا مند رفضت أن يكون شريكي في الشغل.
محمود : كفاكما أنتما الاثنين. ألن تتغيرا و تنضجا قليلا؟ لم تعودا طفلين .
عدنان : بالمناسبة ، أين هو أيمن الصغير؟ أنا متلهف لرؤيته و إعطاءه هديته.
كلثوم : لقد تعب من اللعب و هو الآن غارق في النوم. في المساء عندما نقوم بالاحتفال الذي سنقيمه ستراه و تلعب معه كما تشاء.
عدنان ( ينظر إلى ساعة يده ) : لا بد لي أن أرحل. لقد تذكرت موعدا هاما مع أحد العملاء.
محمود : ألن تتناول وجبة الغداء هنا. لقد قلت لي.....
عدنان : أنا آسف جدا. لقد تذكرت لتوي هذا الموعد الهام و الذي يخص بضاعة أريد شراءها من أحد الأشخاص.
كلثوم : و لكن ، سنراك قطعا في حفلة المساء؟
عدنان : قطعا. و من يستطيع التخلف على حفلة ميلاد ولي العهد أيمن؟
محمود : إذا موعدنا مساءا إنشاء الله.
عدنان ( يعطي هديته لكلثوم ) : خدي هدية أيمن.
كلثوم ( تأخذ الهدية ) : ألف شكر لك يا عدنان على الهدية.
علاء : يجب أن أذهب أنا أيضا. لقد وعدت زوجتي بشرى أنني سأعود للبيت مبكرا.
كلثوم : لا تنس يا أخي أن تحضر بشرى مساءا.
علاء : بالطبع لن أنسى. ( ينظر إلى عدنان ) لنذهب.
عدنان : هيا بنا. يوم سعيد.
محمود : نلتقي في الثامنة مساءا إنشاء الله.

( يخرج علاء و عدنان )

محمود : سأذهب لأغير ملابسي.
كلثوم : و أنا سأبقى هنا لترتيب الأثاث.

( يخرج محمود و لكن بعد لحظات قليلة يسمع وقع شيء يقع على الأرض)

كلثوم : يا الهي. ماذا حصل؟ ما مصدر هذا الصوت؟ ( تخرج و هي تنادي ) محمود.... محمود..... ماذا وقع؟

تخرج كلثوم




المشهد الثاني



تدخل كلثوم و علاء

علاء : ما الذي وقع لمحمود يا أختاه؟ بمجرد سماع صوتك على الهاتف مفزوعة وسماعك تتفوهين بكلام غير مرتب جئت بأسرع ما أستطيع.
كلثوم : لقد وقع حادث لمحمود .... أنا السبب... أنا السبب....
محمود : أرجو أن تهدئي و تحكي لي ماذا حصل حتى اعرف ما الذي يجب عمله.
كلثوم ( تتنفس بعمق و تمسح دمعة من عينها اليمنى ) : بمجرد أن غادرت بصحبة عدنان ، قال لي محمود انه سوف يذهب لتغيير ملابسه.... و لكن عندما وصل الغرفة.... انزلقت رجلاه و وقع على الأرض و قد اصطدم رأسه بالبلاط... و الذنب ذنبي.... كنت قد نسيت لعبة أيمن و هي عبارة عن سيارة صغيرة الحجم على الأرض... أنا السبب لما وقع لمحمود....
علاء : يا الهي..... و هل أحضرت الطبيب؟ هل كشف عليه أحد؟
كلثوم ( مضطربة. لا تجيب )
علاء : أرجوك يا أختي .... هدئي من روعك و احكي لي ما وقع حتى أستطيع فهم مدا خطورة الموقف.
كلثوم : عن ماذا كنت تسأل؟
علاء : سألتك هل استدعيت الطبيب؟
كلثوم : نعم... نعم... فكما تعلم في الشقة المقابلة لشقتنا يقطن الطبيب نورالدين. حضر و كشف عليه و أعطاه مسكنات.
علاء : و ماذا قال الدكتور نورالدين بعد الكشف على محمود.
كلثوم : قال أن حالة محمود ليست بخطيرة...... ربما سيحس بصداع لمدة قصيرة ، ولكن في الصباح سيكون بخير و يمكن أن يذهب لعمله كالمعتاد.
علاء ( يزفر بصوت مسموع ) : الحمد لله على أن الحالة غير خطيرة.
كلثوم : أنا لن اطمئن على محمود حتى يقوم بصور إشعاعية لرأسه لأطمئن عليه مائة بالمائة.
علاء : هل الدكتور نورالدين هو من اقترح هذا؟
كلثوم : كلا.... و لكن محمود زوجي أنا و أنا التي يجب أن أطمئن على محمود.... يجب أن تأخذ محمود لعمل صور إشعاعية لرأسه.
علاء : طالما أن الدكتور قال لا داعي لذلك، فمن رأيي أن ...
كلثوم ( مقاطعة ) : يجب أن تقوم باصطحاب محمود لعمل الصور الإشعاعية.
علاء : هدئي من روعك و سوف أقوم بما تريدين . ( يستمع ) أسمع حركة في غرفة النوم. محمود قادم إلى هنا.
كلثوم : لا يمكن.... يجب أن يخلد للراحة.

يدخل محمود . ينظر إلى المكان في استغراب. و يزيد استغرابه عندما يرى كلثوم و علاء.

محمود : أين أنا؟ و من انتم؟
كلثوم ( تخاطب علاء ) : هذا ما كنت أخشاه.... يجب أن تأخذ محمود إلى المختبر لعمل الصور.
علاء ( يقترب من محمود ) : كيف حالك يا محمود؟ بماذا تحس؟
محمود ( يبتعد عنه و ينظر إليه في استغراب ) : من أنت ؟ و كيف تعرف أسمي؟ و من هاته المرأة ؟ و ماذا أفعل هنا؟
علاء : أنا علاء، أخو زوجتك ( يشير بيده لكلثوم ) كلثوم . و خال ابنك أيمن؟
محمود : زوجتي؟؟؟؟ و لكن أنا غير متزوج. و لن أتزوج إلا بلمياء.
علاء : لمياء؟ من تكون لمياء ؟
محمود : و من تكون أنت لأحكي لك أموري الشخصية. أرجو أن تخبراني ماذا أفعل هنا في هذا البيت الغريب و إلا اضطررت لاستدعاء الشرطة.
كلثوم ( تهمس في أذن علاء ) : ماذا وقع لمحمود؟ هل جن؟
علاء ( يهمس لكلثوم ) : ربما..... هناك احتمال أن يكون محمود قد فقد ذاكرته
كلثوم : ماذا؟؟؟؟
علاء ( يخاطب محمود ) : أنظر جيدا . ألا تتذكرني؟ ألا تتذكر زوجتك و أم ابنك أيمن؟
محمود : ما هذا التخريف يا هذا؟ قلت لك لست متزوجا و بالتالي ليس لي أبناء. لا بد أنكم تلعبون لعبة ما علي. يجب أن اتصل بالشرطة.
علاء ( يشير إلا الصورة المعلقة على الحائط حيث يظهر محمود و كلثوم في ليلة زفافهما ) : أنظر إلى هذه الصورة جيدا. أليس ذلك الشخص هو أنت؟
محمود ( ينظر إلى الصورة في ذهول تام )
علاء : إنها صورة تذكارية لك و لأختي كلثوم ليلة زفافكما. ألا تتذكر؟
محمود ( في ذهول ) : أنا لا أتذكر شيئا..... أين أنا؟
علاء : أنت في بيتك.
محمود : هذا ليس بيتي. بيتي أكبر من هذه الشقة. بيتي يتكون من ثلاثة أدوار.
علاء : عن ماذا تتحدث؟ ليس لك بيت سوى هذا...... قل لي يا محمود، بماذا تشعر؟
محمود : أشعر بصداع خفيف في رأسي.... و لكني أعي جيدا ما أقول. أنا لست بمجنون.
علاء ( يحاول أن يربت على كتف محمود و لكن محمود يتراجع خطوة إلى الوراء خوفا من علاء ) : لا أحد يتهمك البتة بالجنون. أنصحك أن تخلد للنوم. و في الصباح ستعود المياه إلى مجاريها.
محمود : أنا لا أريد النوم. أريد أن افهم ما الذي يحصل لي.
علاء : لقد وقعت على الأرض و اصطدمت رأسك بالأرض.
محمود ( يتذكر ) : ..... أنت تكذب.... آخر ما أتذكره أنني كنت في السيارة برفقة ..... برفقة عمر رفيقي في الشغل ...... و..... وقعت حادثة.
علاء : لم تقع حادثة. بل وقعت منذ حوالي أربع ساعات و ...

يسمع طرق على الباب

كلثوم : علاء .... أحدهم يطرق الباب.
علاء : لا يهم.... عندنا ما هو أهم من أي طارق. ( ينظر إلى محمود ) حاول أن تركز معي.... ألا تتذكر أي شيء؟ هل نسيت أن اليوم عيد ميلاد ابنك أيمن؟ أنه بلغ الثالثة من عمره؟
محمود : قلت لك لست متزوج و ليس لي أولاد.

يتكرر الطرق على الباب

كلثوم : سأذهب لأرى من الطارق.

تختفي كلثوم للحظات و تظهر متبوعة بعدنان.

عدنان ( يخاطب كلثوم ) : ما الذي يقع هنا يا كلثوم؟ لقد قلتي لي أنه وقع مكروه لمحمود و أنا أراه أمامي متعافي و لا يعاني من أي شيء. هل هذه مزحة؟
محمود ( يحدق في عدنان ) : صديقي عدنان..... ماذا تفعل هنا؟ و هل تعرف هذه السيدة؟
عدنان ( غير مصدق لما يسمع ) : عن أي سيدة تتحدث؟
علاء ( يهمس في أذن عدنان ) : لقد وقع محمود على الأرض و ارتطمت رأسه بالأرض.... و يبدو أنه فقد الذاكرة.
عدنان : ماذا؟ فقد الذاكرة؟ غير معقول؟
علاء : لقد نسي انه متزوج و لا يتعرف علي.... و لكن كيف يعقل أن يتعرف عليك أنت؟
محمود : ماذا يهمس لك هذا الغريب؟ هل أنت أيضا متآمر معهم ضدي؟
علاء : لا أحد يتآمر عليك. هذه زوجتك و هذا صهرك علاء.... هل نسيت حياتك أم ماذا؟
محمود : أنا غير متزوج كما تعلم.... كما تعرف إنني لن أتزوج إلا من لمياء. هي حب حياتي.
عدنان : لمياء؟؟؟ ألا زلت تذكر لمياء؟
علاء ( مخاطبا عدنان ) : من هي لمياء هذه؟ للمرة الثالثة يذكر فيها هذا الاسم أمامنا.
عدنان ( مخاطبا علاء ) : سأشرح لك فيما بعد. ( يلتفت إلى محمود ) محمود ..... قل لي يا صديقي.... ما آخر شيء تتذكره.
محمود :.... أنت تعرف. لقد غادرنا منزلك أنا و عمر في سيارته.... ثم وقع حادث. ..... و لا أتذكر شيئا بعدها.
علاء : عن أي حادث يتكلم محمود ؟ هل هو يهدي؟
عدنان ( بعد تفكير عميق ) : للأسف لا. لقد وقع له حادث برفقة زميل له في الشغل يدعى عمر.
محمود : إذا أنا لست بمجنون.
علاء : هل يمكن أن تشرح لنا ماذا يجري هنا؟
عدنان : سأحكي لكم القصة: كنت أنا و محمود نعيش في مدينة الدار البيضاء...
محمود ( مستغرب ) : ما هذا ؟ لماذا تقول كنا بصيغة الماضي؟
عدنان : لأننا الآن نعيش في مدينة مراكش.
محمود : ماذا ؟؟؟ مدينة مراكش؟؟؟
كلثوم : أرجو أن تشرح لنا ماذا يقع لزوجي يا عدنان.
عدنان : لقد وقعت حادثة لمحمود و عمر في أحد شوارع الدار البيضاء. أصيب محمود في رأسه و فقد الذاكرة.
محمود : ماذا؟؟؟ أنا فقدت الذاكرة؟؟؟
عدنان ( بكل هدوء ) : أجل .... و هذا الحادث وقع منذ ست سنوات.
محمود : ست سنوات؟؟؟؟ لا بد أنك تمزح.
عدنان : هذا هو الواقع. و عندي أوراق تنبث صحة ما أقول.
علاء : إذا كان قد فقد ذاكرته منذ ست سنوات.... فماذا يحصل الآن؟ لماذا لا يتعرف على زوجته و علي؟
عدنان : يبدو انه أسترجع الذاكرة و بالتالي فلن يتعرف عليكم ، لأنه و بكل بساطة لم يتعرف عليكم إلا في المرحلة التي كان فيها فاقدا الذاكرة.
كلثوم : لا زلت لا أفهم ما ترمي إليه.
عدنان ( بعد صمت قصير ) : بكل بساطة ، أنت و علاء و حتى ابنه أيمن مجرد أغراب بالنسبة له. انه لا يعرفكم. هو يتذكر حياته في مدينة مراكش, لا يتذكر ما وقع في الست سنوات الماضية. لأنه و بكل بساطة كان فاقدا للذاكرة.


ظلام




المشهد الثالث



يدخل محمود و عدنان.

محمود : أرجوك يا عدنان.... اشرح لي ماذا حصل معي منذ ..... منذ حادثة السير و كيف وصلت إلى هذا البيت الغريب.
عدنان : سأحكي لك القصة بكل بساطة : بعد الحادث ، فقدت الذاكرة . و بما أنك وحيد ليس لديك والدين فقد تكلفت أنا بك و أصبحت .... لنقل..... ولي أمرك ريثما تستعيد عافيتك و ذاكرتك. في نفس الفترة بدأت حالك تتدهور . أنت تعلم انك مصاب بالربو . و قد نصحني الأطباء باخدك إلى مدينة يكون فيها الجو جافا وصحيا و مناسبا لك. و كان اسم مراكش أول مدينة يخطر على بالي. انتقلنا إلى مراكش و وجدت لك عملا في مصنع علاء، أخو زوجتك كلثوم. و بحكم الاحتكاك بهذه الأخيرة نشأت بينكم علاقة ثم تتويجها بالزواج..... هذه هي القصة باختصار.
محمود : و.... كيف هي كلثوم؟ أقصد من ناحية الأخلاق و المعاملة.
عدنان : يمكن أن ألخص لك ما تود معرفته في كلمة واحدة : كلثوم ملاك بكل ما للكلمة من معنى.
محمود ( محرج شيئا ما ) : وكيف هي علاقتي بكلثوم؟ أقصد كيف كنت أتعامل معها؟
عدنان : أنت تحبها أكثر من نفسك و تعشقها لدرجة لا تتصور.
محمود : و لكن .... ألم تلاحظ هي أو أخوها علاء تصرفاتي غريبة أو مريبة بعض الشيء؟ أعني لم أكن في وعيي... أقصد كنت فاقدا للذاكرة.
عدنان : كانت تصرفاتك عادية سواء مع علاء أو كلثوم أو العمال في المؤسسة حيث تعمل.
محمود : و الآن يجب أن أبدأ كل شيء من جديد.... يعني يجب أن ...... ( كأنما تذكر شيئا ) و لكن ، لماذا أسأل هذه الأسئلة؟ هذه ليست حياتي و ليست ما كنت أحلم به. أنا حياتي و أحلامي في مدينة الدارالبيضاء. سوف أعود إلى هناك و أبدأ من جديد.
عدنان : لا تنس انك متزوج و أب لأبن أتم اليوم عامه الثالث.
محمود : أنا لا أعرف زوجتي و لم أقابلها في حياتي. أنا سأتزوج من لمياء.... هي المرأة التي أحببت حقا. هل تعرف أي أخبار عنها؟
عدنان : لم تكن قد عرفتني عليها من قبل.... ولكن، وبعد ثلاثة سنوات من الحادثة و أشهر قليلة من زواجك بكلثوم ، تلقيت مكالمة هاتفية من امرأة تقول أنها تدعى لمياء و تدعي أنها خطيبتك. أخبرتها أنك عريس جديد. أقفلت الهاتف دون أي كلمة. ثلاثة أشهر بعد ذلك ، اتصلت بي مرة أخرى و قالت أن أخبرك أنها قررت الزواج من ابن خالتها المقيم في كندا.
محمود ( مضطرب ) : ماذا ؟؟؟؟ تزوجت من ابن خالتها المقيم في كندا؟؟؟ لماذا لم تخبرني بذلك في حينه؟
عدنان ( ينظر إليه في استغراب ) : و لكن.... كنت فاقدا للذاكرة و لا تتذكر أي شيء له علاقة بالماضي. هل نسيت؟
محمود ( يجلس على الأريكة و هو حزين ) : كندا؟؟؟؟؟ يعني أنني فقدت لمياء.... حب حياتي ....إلى الأبد.
عدنان : لا تنس أنك متزوج الآن من كلثوم و أنك أب لأيمن.
محمود : أي زواج هذا؟ أنا لا أرغب لا في كلثوم و لا في أي امرأة أخرى. كان زواج بدون إرادتي.
عدنان : بالعكس ، أنت من أصر على أن يتم هذا الزواج بسرعة.
محمود : ولكني لم أكن أعي ما أقول.... كنت فاقدا للذاكرة.
عدنان : ستتعود على الأمر. أنا لا أطلب منك التعجل. ستعود الأمور كما كانت بينك و بين كلثوم و سوف تحبها كما كنت تحبها و أنت فاقد للذاكرة.... ( ينظر إلى ساعة يده ) يجب أن أذهب. عندي لقاء مهم مع أحد الأشخاص.
محمود : أين تذهب؟؟ وكيف تتركني وحيدا في هذا البيت الغريب؟ ( ينهض من الأريكة ) أنا ذاهب معك. أنت الشخص الوحيد الذي أعرفه.
عدنان : لن تأتي معي و لن تغادر هذا البيت. يجب أن تتحمل مسؤوليتك كزوج و أب.
محمود : كيف يعقل هذا؟؟ زوج لا يعرف زوجته أو ابنه؟
عدنان : لقد قلت لك لا تستعجل الأمور. ستتعرف إلى زوجتك و ابنك و تعود الأمور إلى مجاريها

تظهر كلثوم

عدنان : أهلا كلثوم. أين هو علاء؟
كلثوم : تركته في الغرفة يلعب مع أيمن. هل تود أن أنادي عليه؟
عدنان : لا داعي لذلك. يجب أن أذهب الآن. عندي موعد مهم.
كلثوم ( تنظر في اتجاه محمود ثم تخاطب عدنان ) : كيف تتركنا.... ومحمود في هذه الحال؟ يجب أن تبقى.
عدنان ( يبتسم ) : أعتذر.... لا يمكنني أن أفعل أي شيء. محمود زوجك وأنت تعرفينه أكثر مني. سلام.

يخرج عدنان

يبقى الزوجان واقفان ، كل منهما ينظر إلى الأرض في صمت.
بعد لحظات ، تنظر كلثوم إلى محمود.


كلثوم : هل تريد أن تأكل شيئا يا محمود؟ هل تشعر بالجوع؟
محمود : شكرا لك يا سيدتي.... أقصد ..... ( لا يستطيع النطق بكلامه فيلزم الصمت )
كلثوم ( تمد يد المساعدة إلى محمود ) : أنا كلثوم ... أنا زوجك.
محمود ( مرتبك ) : آسف ... أعرف اسمك و لكن..... لا أستطيع النطق به.... اعذريني...
كلثوم : لا بأس . ستتعود على الأمر..... سنتعود على الأمر.
محمود ( ينظر إلى كلثوم و كأنه يقوم بدراسة تفاصيل وجهها )
كلثوم : لمادا تنظر إلي هكذا؟ هل تذكرت شيئا؟
محمود ( ينظر إلى الأرض خجلا ) : أسف.... و لكن هذه أول مرة أشاهد فيها وجهك عن قرب.
كلثوم ( تبتسم محاولة إذابة الجليد بينهما ) : و كيف تجدني ؟ جميلة أم لا؟
محمود ( ينظر إليها بحب ) : أنت أجمل امرأة شاهدت في حياتي ..... ( لكن ينظر إلى الأرض بسرعة خجلا و مضطربا ) أرجو أن تعذري صراحتي يا سيدتي.... لقد تجاوزت حدودي و حدود اللياقة و الأدب.
كلثوم ( تقترب من محمود و تمسك بيده ) : تجاوز حدود اللياقة و الأدب كما تشاء. أنا زوجك...حلالك.... يعني تستطيع أن تتغزل في.... أن تلاطفني.... أن تلمسني.... أن تقبلني....
محمود ( ينزع يده من يد كلثوم و يبتعد خطوتين ) : لا أعرف ماذا أقول و كيف أتصرف.... أنا اعرف انك زوجتي و انه يجب أن أتصرف أفضل من هذا.... و لكن أرجو أن تعذريني . فأنا أمر بأوقات جد عصيبة و لا أدري ماذا أفعل.
كلثوم : لا عليك. أنا أتفهم الموقف.... قل لي يا محمود ، ألا تحب أن تلعب مع أبنك أيمن و تقدم له هديته؟ لا تنسى أن اليوم عيد ميلاده الثالث.
محمود ( مستغرب ) : هدية ؟ آه .... هدية. و لكن يجب أن اشتري له هدية كي أقدمها له.
كلثوم ( تبتسم ) : و لكنك اشتريتها منذ الصباح ..... أقصد قبل أن تنزلق رجلك و تقع على الأرض.
محمود : و ما نوع الهدية التي اشتريت لأبنك أيمن؟
كلثوم : ابننا أيمن ...
محمود : آسف . أنت محقة. ابننا أيمن. ( صمت قصير ) أريد أن أسألك سؤالا .... و أرجو أن لا أكون فضوليا أكثر من اللازم.
كلثوم : اسأل ما تشاء. أنت زوجي و حبيبي و شريكي و والد ابني.
محمود : ..... كي كنت أعاملك...... أقصد .... هل كنت زوجا محبا و مخلصا أم ماذا؟
كلثوم : كنت أكثر من ذلك. كلمات الغزل تتدفق من فمك كل حين، و حبك لي و لابنك باد عليك في كل كلمة و حركة تقوم بها. كنت بمثابة الزوج و الحبيب و الصديق و الأخ و الأب بالنسبة لي.
محمود ( صمت قصير ) : يمكن أن اطلب منك شيئا يا ...... كلثوم؟
كلثوم ( الفرح باد عليها ) : أي شيء .... أي شيء. أنا مستعدة لأفديك بروحي لو طلبت يا زوجي العزيز.
محمود ( بعد تردد قصير ) : هل يمكن أن تمنحيني وقتا قصيرا حتى.... حتى أتعرف عليك جيدا و استطيع التأقلم مع حياتي الجديدة؟
كلثوم : كل الوقت. و سأفعل ما في وسعي لمساعدتك إن احتجت لي. ( تمسك يده. ينظر إليها محمود و يبتسم ) ألا ترغب في التعرف على ابنك أيمن و تلعب معه؟
محمود ( ترتسم ابتسامة على شفتيه ) : بلا ... أنا في أشد الشوق للعب مع .... ابني أيمن.

يخرج الزوجان ، و كلثوم ممسكة بيد محمود



النهاية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق